اشخاص وحكايات..

اشخاص ضحوا بحياتهم من اجلنا...حكاياتهم تروي لنا بطولاتهم..نسردها لكم

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

الشهيد رائد نزال



ما أصعب الكلام !!! 
كانت تلك بداية وعنوان القصيدة التي رثا فيها الشاعر الموجوع احمد مطر الأمة العربية والإنسانية جمعاء، عندما كتب في رثاء شهيد الفقراء الفنان الراحل ناجي العلي.. 
نقتبس من مطر العنوان " وأشياء أخرى " حيث ليس أصعب من الكلام في حضرة الشهداء عن الشهداء.. حتى لو خرجنا من تلك العقدة، وبدأنا الكلام كما نفعل الآن يبقى السؤال المر عالقا في الحلق..ما جدوى الكلام !!؟ 
الإجابة فقط خطها الشهداء والأسرى والجرحى والمطاردون من أبناء وبنات شعبنا المكافح دموعا حرى ودماء غالية وسنوات من الكد والشقاء ، وحياة قدمت على عتبات الوطن فداء لعيون حريته وكرامة شعبه .. 
نقرر ذلك في حضرة الشهداء .. 
ونكتب ذلك ليس تخليدا لذكرى الشهداء .. فذكراهم خالدة رغما عنا ، ولكن علنا نوفهم بعضا من الدين .. 
ولأمانة رائد نزال .. الثائر ..الأسير..المطارد..والقائد الشهيد الذي جمع المجد من أطرافه كلها كان هذا الجهد الذي صنعه رائد ورفاق رائد وأحبة رائد ، وما كان منا إلا الجمع والترتيب وإضافة هذه الكلمات . 

رائد تلك الكلمة العظيمة التي لم يحملها شهيدنا البطل كاسم فقط بل جسدها بروعة في واقع النضال والحياة الاجتماعية لدرجة انك لو بحثت له عن اسم فلن تجد غير كلمة رائد لتطلقها عليه، ففي الحياة الاجتماعية كان صدره وسلوكه مفعم بالدفء والحنان وروح التعاون والتكافل ونصرة المظلوم وتبني قضايا المحيط أكثر من الاعتناء بنفسه، وفي الجانب النضالي جسد أسطورة رائعة من الانتماء والتواصل النضالي منذ نعومة أظفاره ، فمنذ الثالثة عشرة من عمره وحتى يوم استشهاده وشعار التواصل النضالي لا يفارقه قولاً وعملاً، ففي الأسر كما بعد التحرر كان دائما ممتشقا سلاح النضال والبناء الداخلي حتى يطبق شعاره الشهير( لن أكون عبداً للمرحلة ولن اقبل وعلى الملأ بهذا الموقف المذل لأنني لن أعيش سوى مرة واحدة وسوف أعيشها بشرف) 


تعريف بالهوية الشخصية: 

الاسم الرباعي: رائد موسى إبراهيم نزال - ماضي 
تاريخ الميلاد: 1|6|1969 
الحالة الاجتماعية: متزوج من المناضلة المحامية فاطمة محمد دعنا وله ولد سماه أسير لأنه يقدس الحركة الأسيرة وظل ينتمي لها بكل جوارحه. 
المهنة: طالب جامعي سنة أولى في جامعة القدس المفتوحة ويعمل في تربية الأبقار وصناعة الألبان. 
المرتبة: عضو لجنة فرعية في فرع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الضفة وقائد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في محافظة قلقيلية وضابط في الأمن الوطني الفلسطيني برتبة رائد ورتبة مقدم في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى. 

تعريف بالهوية النضالية: 

اعتقل وهو في الثالثة عشرة من عمره لمدة 25 يوماً. 
اعتقل وهو في الرابعة عشرة لمدة ثلاثة عشر شهراً ثم 
اعتقل في الخامسة عشرة لمدة خمس سنوات على خلفية عضوية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وإلقاء زجاجات حارقة وحرق عدد من سيارات العملاء. 
قبل نهاية الخمس سنوات بنصف عام قام بإعدام أحد العملاء في سجن جنين وحكم عليه مجدداً بالحكم المؤبد. 
تحرر من الأسر في صفقة تبادل أسرى في 9|9|1999. 
واصل مشواره النضالي منذ اليوم الأول لتحرره من الأسر، حيث انتخب في قيادة منطقة محافظة قلقيلية وشارك كعضو فاعل في المؤتمر الوطني السادس للجبهة الشعبية وانتخب كعضو لجنة مركزية فرعية، وإلى جانب عمله في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى عمل على تأسيس فرقة فنية للمسرح والغناء وبذل جهداً كبيراً في بناء لجنة المرأة وساعد في صدور إصدارات للرفاق في الحركة الأسيرة. 
استشهد بتاريخ 26|4|2002 بعد معركة بطولية مع قوات الاحتلال الصهيوني حيث اقتحمت قوات الاحتلال الغازية أكثر من عشرة مواقع للبحث عن الشهيد ورفاقه المطاردين وحينما أحكم الطوق على المجموعة طلب الشهيد من رفاقه الانسحاب، وخاض المعركة بنفسه طوال ساعتين للتغطية على جنوده ولم يتمكن القتلة منه إلا بإطلاق قذائف عن بعد لتحول جسده العملاق إلى أسطورة نضالية في التضحية والفداء والتواصل. 


رائد رجل المواقف : 

ما أكثر المواقف التي يمكن للمرء الحديث عنها، فرائد معروف برجل المواقف الشجاعة والشهامة والتضحية، الإنسان عند رائد موقف، إما أن تكون أو لا تكون، تلك هي قناعاته التي عاشها طوال حياته.. تلك القناعات التي كان يدفع مرات كثيرة ثمنها غاليا وتجده مسرورا غير عابىء بالنتائج الشخصية، لقد أرضى ضميره وقناعته. 
ما أعظم روحه...!! أجمل شيء لديه انه مقتنع بعمق أن مهمة إصلاح وتغيير العالم مهمة شخصية تقع على عاتقه حتى لو كان الرجل الوحيد في العالم الذي يحمل هذا الإيمان الثوري.... وعندما تقول له: هذا صعب أو مستحيل أو لا أمل في الإصلاح.... يقول لك " ينبغي أن نحاول ونحاول، لا شيء مستحيل في نظري". 
رائد الطفل كان يحمل في رأسه أحلاما كبيرة، وعندما كبر، مارس أحلامه الثورية بحرارة وتوقد ولم يتوقف لحظة واحدة، حتى إن البعض وصفه "بالمرجل الذي يغلي طوال الوقت"... لا تتعب يا رفيق، أوقد في أعماق ذاتك نار الغضب ونار الثورة ونار التضحية، واجترح المعجزات، فالمجد لا يصنع من فقاقيع الهواء، إنما تستله من أعماقك الثائرة كما الناصر صلاح الدين، وتصنع النصر أو تصنع الشرف.. كيف لا وأنت من دفع الموت بالموت.. يا رجل المواقف فأي مواقف سنكتب عنك؟ . 

كتب عنه احمد سعدات قائلاً: 

إن الشهداء لا يمرون في صفحات تاريخنا إلا حروفاً وكلمات معمدة بالدم وسطوراً نسجت من أشلائهم الممزقة . 
فالعقل القيادي الفلسطيني، وأنا واحد منهم ينبغي أن يستلهم عند كل موقف و منعطف، بمأثرة الشهداء الأبرار، وان يزداد صلابة وتمسكاً بالقضية والموقف، و كلما ساور أحدنا الوهن أو الشك فثمة في مواقفهم ما يغني وينير لنا الطريق و يقودنا للنصر المحتم. 
لماذا اخترت ما سبق من كلمات للحديث عن رفيقي رائد نزال ، لقد اخترت هذه الكلمات لان هناك حاجة ماسة ولدتها حاجات المرحلة، خاصة بعد الهجمة العدوانية لرعاة البقر الأمريكية وأتباعهم البريطانيين على المنطقة عبر بوابة العراق، لتسوق ثقافة الهزيمة وتعرضها بالقوة، وتساعد العديد من مروجي هذه الثقافة تحت عبارات رنانة باسم الواقعية والحكمة والانحناء للعاصفة، و غيرها عبارات الفتها وعافتها آذاننا، فكان لا بد من التذكير بشرح عبارات نبيلة من فنان وأديب ومناضل مبدع وشهيد حتى لا يتطاول عليها أحد المدعين من أنصار واقعية الهزيمة. 
انظروا إلى حياة رفيقي الشهيد القائد رائد نزال ففيها تجدون الجواب، حيث نجد انسجام النظرية مع الممارسة في بوتقة "القضية و الموقف" !! 
كان نموذج وطراز الشهيد القائد الميداني رائد نزال "أبو أسير" سهلاً ويسيراً ولا يحتاج لوصفه أو سبر غوره مقدمات معقدة فلسفية أو أدبية، تألفه وتصادقه بيسر خلال اقل من دقيقة معه، بعد أن يغادرك تحتاج بل تشتاق للقائه، ففي طفولته معالم رجولة صارمة، و في رجولته ملامح طفولية تكثف البراءة والنقاء والشفافية، ولا أبالغ حين أقول حتى أن فظاظته تصدر عن عفوية محببة للنفس ولا تثير الغضب، فطيفه وهمس صوته ودبيب مشيته، و رنة ضحكته أو غضبه المكبوت تترك أثراً، فهو باختصار يطرح في سلوكه إنسانيته وغناها دون تكليف. 
وإذا كانت السجايا الإنسانية لرفيقنا وصديقنا وحبيبنا رائد بهذا اليسر والبساطة تقرأها وتحفظها عن ظهر قلب في دقائق بل ثوان، فان ملامح شخصيته النضالية أكثر يسراً وأسهل استيعابا، عرفته شبلاً في إطار مجموعة من الرفاق من أبناء جيله،أقول إنهم كانوا توائم في السلوك والاندفاع والانتماء والشجاعة والاستعدادات والقابليات للنمو والتطور، لكنه إنصافاً للحقيقة كان الأكثر تميزا في ثباته واستمراره، و بين لقائي الأول برائد الشبل المبتدئ في النضال وانتهال العلم الثوري ، ولقائي الثاني به بعد أن تحرر من الأسر كادراً معبأً ومثقفاً متكلماً وخطيبا بل متطاولاُ بعبارات مصقولة وعميقة، كان عمره ما يقارب الأربعة عشرة سنة، ولم أفاجأ حين وجد هو نفسه الشبل الذي غدت ثقافته مصقولة هو نفسه الذي رأيته قبل هذه المدة أول مرة في اندفاعه وحماسة ودعابته واستعداداته، و أكاد أقول أن عمره ما زال ستة عشر عاماً وليس ثلاثون، فهو لم يصدأ ولم يهرم ولم يمرض وبقي شامخاً شاباً يتدفق حيوية واستعداداً للعطاء، وانخرط في مهامه بسرعة بعد أن أنهى واجباته نحو أسر رفاقه الأسرى الذين يحمل همومهم ويسعى لتسديد فاتورة الواجب الذي تعهده لهم أثناء وداعه لهم، وكان خير من حمل الواجب وفتح ذراعيه لمهام النضال في الحزب مستعداً لها من ابسطها إلى أكثرها تعقيداً، و جاءت الانتفاضة المجيدة لتفتح له آفاقاً رحبة ولتفجر إمكاناته وثورته للنضال والقتال، فكان مقداماً ورجلاً فولاذياً، لم تنحن ركبتاه، وظل رأسه مرفوعاً إلى الأعلى ،وعيناه مصوبتين نحو الشمس المشرقة على أسوار القدس، فاستشهد قابضاً على جمرات العقيدة والموقف والمبدأ بيد، وعلى زناد الرشاش باليد الأخرى . 
هذا هو رائد يؤكد للأعداء و للأصدقاء، للمثقفين والبسطاء، انه ليس عملاقاً خارقاً غير عادي، بل إنسان، وان الإنسان حين يطارد ذاته فلديه من الإمكانات التي إذا تحررت تحوله ألي عملاق، فماذا نقول عن الشعب الذي يعبر عن اتحاد الأفراد والمجموعات الإنسانية عضوية اجتماعية متميزة؟؟ 
و أخيراً وقبل أن انهي كلمات هذه المقدمة، وانحني أمام هامة هذا الجندي القائد المقدام والشجاع، وحتى أكمل دائرة الحقيقة أقول: ما كان لرائد أن يمتلك هذه العظمة ويستحق هذا التقدير لو لم ينشأ في كنف أسرة ومجتمع ساعد في تكوين شخصيته، واكتسب منها عناصرها ومقوماتها، فقد ولد لأم تتدفق إنسانية، وأب صارم في قسماته صلب شفاف ولطيف في معاملته، تحدثه فتشعر بالدفء والراحة ومشاعر الحب الموشحة بالهيبة والاحترام، و أخوات جميعهن بين الصلابة وغنى المشاعر الإنسانية والانتماء العالي للواجب، وفي المجتمع العائلي الذي تخطى الأسرة سمات تتقاطع مع سمات أسرته، وأخيراً زوجته فاطمة الصلبة الذكية الإنسانة التي شاطرته الحياة وودعته وهي تبتسم وتعتصر الألم، على الرغم من أن زواجهما لم يتعد السنة أو يزيد عنها بقليل. 
لهذه الأسرة التي تشرفت بصداقتها… 
لأسير الذي يحمل في ذاته كل مقدمات سجايا والده القائد الشهيد.. 
أقول : ذهب أبوك عنا بجسده لكنه ظل حاضراً بمواقفه مضافاً إليه أسير 


شيخ المعتقلين أبو رفعت، محمد نعيرات رفيق درب رائد 

كان الأكبر سنا في كافة المعتقلات، عندما التقاه رائد كان قويا ذو مراس وروح مرحه، فأحبه رائد وظل مرافقا له طوال فترة اعتقاله، وعندما الم المرض بالشيخ الجليل، اتخذه رائد أبا، وقام على رعايته بأدق التفاصيل الشخصية لسنوات، حتى عندما أصيب أبو رفعت بمرض "الزهايمر" المرافق للشيخوخة.. نسي أبو رفعت معظم الناس إلا رائد ظل ماثلا في مخيلته.... كيف ينسى من أسقاه وأطعمه وقضى حاجته وهو يغني له فرحا كما تغني الأم لطفلها الرضيع. 
رائد أو أبو النزال كما يناديه أبو رفعت أقوى من مرض "الزهايمر" في دماغ الشيخ، عندما تحرر أبو رفعت من الأسر كان "الزهايمر" قد نال منه كثيرا، وفي حفل الاستقبال، كان ما لا يقل عن مائة شخص جالسين ومنهم من كان من أعز أصدقائه ومن اقرب المقربين له وهو صامت لا يعرف أحدا حتى جاءت شقيقة رائد للسلام عليه وعندما سمع اسمها الكامل، فرح كطفل وطوال ساعتين يتحدث ويسأل عن "أبو النزال" وسجنه بأدق التفاصيل، فكيف ينسى الشيخ دماء الشاب المتوقد الذي ضخ في عروقه الدفء والحنان والمحبة والإخلاص كما لو أن "أبو رفعت" عاد إلى بطن أمه. 
لقد بكى أبو رفعت عندما سمع باستشهاد رائد، ترى أي نوع من الدموع تلك التي بللت وجه الشيخ ؟! 
لا يعرف أحد الإجابة أو أن يجيب، سوى رائد نفسه. 

الرسالة الأخيرة لرائد : 

صوت سماعات الجيش ينادي ويطلب الاستسلام ويختلط بصوت الرصاص وانفجارات القذائف وهو محاصر في مربع صغير – مطلع درج -..الدرج في ذهن رائد يختلط بأحلام الصبا ، وصوت الحرب يختلط بأحلام المتمرد الثائر، يبدو أنها موقعتك الأخيرة أيها المحارب، الطائرات تحلق في السماء والدبابات والدوريات تطوق كل المنطقة ولم تترك أي منفذ للانسحاب، الجيش يبعد عنك خطوات، جدار واحد يحميهم ويحميك من رصاصاتكم المتبادلة. 
أن تكون ندا في معركة لا ندية فيها من ناحية عسكرية، أمر في منتهى الشجاعة والتضحوية ويحتاج إلى قرار استشهادي من الطراز الجيفاري. 
كان رائد قبل ذلك يحلم بان لا يختفي المطاردين عند دخول الجيش، وكان يقول متى سنخرج لمواجهة هذه الدبابات بالصواريخ بدل من الاختباء في المنازل والبيارات. 
والآن لا يملك صواريخ أو دبابات... كل ما يملكه بندقية "كلاشنكوف" وبضع مخازن وقنبلة يدوية ولكنه صمد ساعات. 
كان يدفع الموت ويؤجله بشجاعة نادرة وتنطلق من رشاش

نبذة عن الشهيد النقيب" ابو جهاد "





نبذة عن الشهيد النقيب" ابو جهاد "
كتاب حرب مغدوشة حرب المخيمات :الكاتب الرفيق ممدوح نوفل كتب ما يلي:وتذكر محمود خليفاوي اصدقائه القدامى في بلدة مغدوشة و في هذا السياق اجرى اتصال مع احد الاصدقاء القدامى عضو سابق في الحزب الشيوعي اللبناني من ابناء مغدوشة ونصير للمقاومة الفلسطينية وهو" اديب نقولا عمون "وكنيته "ابو جهاد".
فاتحه بالمهمة وطلب مساعدته ولم يتردد ابو جهاد في الموافقة على القيام بكل ما يلزم في حدود قدرته وامكاناته المادية والاجتماعية وعلاقاته الشخصية .وابو جهاد رجل قوي البنيّة في اواخر العقد الخامس من العمر ,ميسور الحال يقع بيته في اطراف مغدوشة الشرقية.وافق ابو جهاد على المشاركة في المهمة من منطلقات وطنية لبنانية وقومية وانسانية ودون اي مقابل ولم يفكر الرجل في الاضرار المحتملة التي قد تلحق به وبأسرته في حال انكشاف امره ورفض بالمطلق تقبل اي مساعدة ماليه حتى بحدود تغطية نفقات تحركاته ,لم يحتمل هذا الانسان الشريف قهر (امل) لابناء بلدته واللبنانيين في الجنوب وبيروت .كما لم يحتمل حصارها للمخيمات وتنكيلها بالفلسطينيين لمجرد انهم فلسطينييون .

وشرع ابو جهاد في عمل كل ما يطلبه صديقه محمود خليفاوي مشى زواريب مغدوشة زاروبا بعد زاروب واحصى مواقع حركة امل والجيش موقعاً بعد موقع وبالتعاون مع محمود خليفاوي وضباط اخرين .تمّ تحميل المعلومات عن مواقع امل على الخرائط العسكرية ورصد ابو جهاد نوع اسلحة قوات امل والجيش والمعدات (اللواء السادس) وحصى عدد افراد الافراد وراقب عاداتهم اليومية وضمنها نظام تبديل الحرس وطرق الامداد والتموين وتوزيعه على المواقع
لم يتوقف جهد ابو جهاد ابن مغدوشة عند هذا الحدّ بل كان يحضر يومياً الى مخيم عين الحلوة والمية ومية ويقوم بجولة في اطراف مغدوشة من جهة بلدة درب السيم وجبل الحليب وكانا يصطحبان معها قادة الوحدات والسرايا والفصائل والمجموعات المقرر مشاركتها في الهجوم وكان ضمنهم ابو فادي وابو سمرة وانتقل العمل خطوة نوعية متقدمة بناء على اقتراح ابو جهاد حيث استقبل في منزله عناصر الاستطلاع بعد ان ارشدهم على الطبيعة وطريق الوصول الى المنزل وكيفية تجنب الاحتكاك بمواقع قوات حركة امل والجيش(اللواء السادس)

كانت ثقة ابو جهاد بنفسه عالية وثقته بمحمود خليفاوي وكوادر الجبهة العسكرية اعلى .تجّول معهم كضيوف واصدقاء في وضح النهار في شوارع بلدة مغدوشة وزواريبها ولم يخشى انكشاف امره وابدى استعداداً لاستقبال اعداد كبيرة من الكوادر والمقاتلين في منزله وان يرافقهم ساعة الهجوم

استقبل ابو جهاد قسم من عناصر الاستطلاع ومجموعات الهجوم في منزله ووزع الباقي في بيوت فارغة مجاورة لمواقع حركة امل وكان بعضها في محيط مواقع امل وكان بعضها في المباني ذاتها التي تتمركز فيها قوات امل

وكان يا رفاقي ان ابتدأ الهجوم وبعدها كرّ وفرّ ولن اذكر التفاصيل لانها تطول ويطول شرحها وكتابتها ولكن اعتقل والدي من قبل حركة امل وعذب وشوّه وتفننوا في تعذيبه ثم اطلقوا رصاصهم عليه ورموه على الشارع على قارعة الطريق ونهب منزلنا وطاردونا حيث انهم كانوا يريدون قتلنا ايضا انا وامي لكننا استطعنا النجاة عبر الهرب في الحقول
واخر ما كتبه ممدوح قائد القوات المسلحة عن والدي : محمود خليفاوي كان من همومه الاساسية تحرير بيت ابو جهاد واضاف:اظن ان هذا الهدف كان سبباً في اصابته وبالتالي في استشهاده ..ومن بيت ابو جهاد انطلق محمود وكل الرفاق وصوب بيته استشهد..


ابطال عملية الطائرة الشراعية


في25/11/1987 جرت عملية الطائرات الشراعية يقودها ابطال من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة من سوريا و تونس و فلسطين حيث هبطوا بها في معسكر جباريم ( الجبارين العمالقة ) وفيه احدى وحات لواء جولاني اشرس قوات الجيش الصهيوني و يقع قرب قريات شمونه و هاجموا المعسكر و دمروا بعض(البركسات ) المهاجع و اقعوا خسائر فادحة لم يعترف العدو الا بستة قتلى بينما ظهرت صور المهاجع المدمرة تكذب ادعاءاتهم
* * *


توقيت العملية:

بتاريخ 25-11-1987 م وفي تمام الساعة العاشرة والنصف مساء من يوم الأربعاء أقلعَ سرب من الطيران الشراعي الفلسطيني من مطارهِ السري الكامن في مكان ما من مساحةٍ الوطن العربي الكبير. أقلع سرب المقاتلين على الطائرات الشراعية متوجهين بدمائهم وبنادقهم صوب الوطن. 
* * *
سير العملية: 

1- قام تشكيل الشهيد الطيار ملازم أول "أبو عمار أدهم" باقتحام معسكر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الصهيوني في فلسطين المحتلة، معسكر (غيبور) أو ما يطلق عليه معسكر (الأبطال) من لواء جولاني، وهم من أكثر جنود وقوات وضباط الكيان الصهيوني تدريباً وتسليحاً وكفاءةً وخبرة. 
2- أكدت الاتصالات مع التشكيل أن الطائرات الشراعية وصلت بسلام أرض المعركة في الوقت المحدد وحسب الخطة المعدة من قيادة الجبهة، فهبطوا في عدة أمكنة تحيط بالمعسكر، ولحسن حظ الرفاق أنهم هبطوا في مدرج طيران قديم. 

3- انقسم التشكيل المقاتل إلى مجموعتين: مجموعة حماية أخذت مكانها حول المعسكر وأطرافه، ومجموعة الاقتحام التي تكون مهمتها داخل المعسكر. 

4- في الوقت المحدد بدأ الاقتحام، وبدأت مجموعة الرماية والاقتحام برمي المعسكر بالقنابل على المهاجع والخيم، وقد فوجئ الضباط والجنود وذهلوا وأفزعتهم المفاجأة. 
5- لم يستطع العدو أن يتبادل النيران مع المجموعة قبل مضي 15 دقيقة من بداية المعركة، حيث كان الدمار قد حاق بأكثر من مكان في المعسكر وعدد القتلى والجرحى قد ملأ أرض المعسكر وأمام بواباتهِ. 

6- استمرت المعركة ما يقارب الـ 90 دقيقة استشهد خلالها الرفيق الحلبي البطل خالد محمد أكر قائد التشكيل المقاتل. 
7- استنجد العدو كعادتهِ بقوات من خارج المعسكر وغطت سماء المعركة طائرات مروحية وقذائف الإنارة والإضاءة. 
وأثناء عودة المقاتلين بطائراتهم الشراعية أصيبت طائرة الرفيق التونسي البطل: ميلود ناجح بن نومه فسقطت فوق مرتفعات (حلتا) في الجنوب اللبناني الصامد فاضطرت للهبوط وقام المقاتل البطل بالاشتباك مع قوات العدو الصهيوني لإكمال المعركة موقعاً في صفوفهم عدداً من القتلى والجرحى وبقى يقاوم إلى أن نال الشهادة في صباح 26- 11- 1987 م. 

8- أكَّدَ الرفاق العائدون على أشرعتهم الطائرة (الرفيق المقاتل أبو ثائر ورفيقهُ أبو الحسن) أنَّ خسائر العدو الصهيوني كانت فادحة حيث قتل وجرح أكثر من 35 عسكرياً صهيونياً من بينهم: ضابط وضابط صف، تدمير ثلاثة مهاجع وحرق خمس خيم، وتدمير وإعطاب أكثر من ست آليات مختلفة، إلا أنَّ العدو الصهيوني اعترفَ فقط بالقتلى الستة الذينَ أسقطهم المقاتل الشهيد خالد محمد أكر. 

شهداء العملية البطولية: 

1- الشهيد الطيار البطل: خالد محمد أكر (أبو رامي) مقاتل حلبي من القطر العربي السوري، انضم إلى صفوف الجبهة الشـعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، عندنا بلغ الرابعةَ عشر من العمر وتدرب على الفنون القتالية المختلفة وأتقنَ قيادة الطائرة الشراعية ونفذ العملية البطولية وهو بعمر 20 عاماً. وتقول قوات العدو أن المقاتل خالد عندما اقتحم معسكراتهم كان يصرخ: "فلسطين عربية والموت لكم يا أوغاد"، وذلك في الوقت الذي كان يوزع فيه خالد أكر صليات نيرانهِ على الجنود 
2- الشهيد الطيار البطل: ميلود ناجح بن نومه من العاصمة تونس في القطر العربي التونسي، انضم إلى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، وتدرب في صفوفها على مختلف أنواع الأسلحة وخاض عدة دورات عسكرية وقد استشهد أثناء عودتهِ من الغارة الشراعية الجوية في صباح يوم الخميس الموافق 26- 11- 1987 م في قرية حلتا في الجنوب اللبناني. 
دلالات ومعاني العملية النوعية: 

1- إسقاط وإفشال النتائج السياسية والجهود الرامية إلى شطب القضية الفلسطينية في ذلك الوقت إفشالاً ذريعاً على المستوى الدولي والعربي والفلسطيني: 

- جاءت العملية ضمن الجهود المتواصلة لإسقاط البرنامج المرحلي القاضي بتسوية قضية الصراع العربي الصهيوني أو الأصح بقتل القضية الفلسطينية على مراحل زمنية ليتحقق بذلك قول جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكية "إن الشعب الفلسطيني سيندثر تحت أقدام الفيلة، وإن الكبار سيموتون وإن الصغار سينسون" إشارةً منهُ إلى دور الزمن في طمس معالم القضية الفلسطينية. 

- جاءت العملية في ذكرى قرار تقسيم فلسطين لتؤكد من جديد على وحدة الأراضي العربية الفلسطينية. 
2- أسهمت العملية في تغيير منحى الصحافة العالمية والعربية في ذلك الحين للحديث عن المقاومة الفلسطينية الباسلة بدلاً من الأحاديث حول تسوية الصراع إذ أظهرت الصحافة اهتماماً بالغاً وشديداً بالعملية ونتائجها ففرضت نفسها بقوة على الرأي العام العالمي ونأخذ هنا مثلاً: تقول صحيفة "الهيرالد ترينيون الأمريكية": (إذا قدر للفلسطينيين أن يفوزوا بدولة لهم فإن أول تمثال يستحقُّ أن يقيموه في الميدان الرئيسي لهذهِ الدولة هو تمثال الطائر الشراعي الفلسطيني خالد الذي عبر الحدود إلى "إسرائيل"). 

- إسقاط وإفشال نظرية الأمن الصهيوني الزائفة والمضللة لمستوطنيه، حيث أن الاحتياطات الإلكترونية ونظام الدفاع الأمني لم يستطع منع الفدائي المقاتل من تنفيذ مهماته وواجباته، ومن هنا فإن ما يسمى "عملية سلامة أمن الجليل" والتي انطلقت باجتياح الجنوب اللبناني استطاعت عملية واحدة إسقاطها وإثبات أن لا شيء يقف أمام الفعل المقاوم. 

- التأكيد على قومية المعركة: حيث أن التشكيل الجبهوي المقاتل يتكون من: سوري وتونسي ومقاتلَين من فلسطين وهو الخط العام الذي تنتهجهُ الجبهة في عملياتها لتؤكد أن النضال من أجل فلسطين ليس حكراً على الفلسطينيين بل هو يشمل الأجيال العربية من المحيط إلى الخليج. 

- تأسيس حلقة جديدة من حلقات المقاومة حيث أن العملية انتشلت الجماهير من دوامة اليأس والقنوط كما فعلت معركة الكرامة وتشرين حينما أعادت الثقة للجماهير بإمكانية إلحاق الهزيمة بالعدو الذي قيل إنه (لا يقهر)، فما كان من العملية إلا أن استهدفت أكثر ضباط العدو تدريباً وكفاءة من وحدات (كوماندوس جولاني).
6- إعادة الاعتبار للكفاح الوطني الفلسطيني وابتكار أساليب جديدة للمقاومة.
* * *

- ردود الفعل لدى جماهير أمتنا العربية: 

أ- ساهمت العملية في إشعال شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 م إلى جانب عوامل ستأتي، حيث خرجت الجماهير في الضفة والقطاع بكل إرادة وتحد معلنةً ثورتها ضد الاحتلال الصهيوني هاتفةً بصوتٍ واحد "سته لواحد كريات شمونه" للإشارة إلى الشهيد خالد أكر الذي تمكن وحدهِ من قتل ستة صهاينة، وهذا ما دلل عليه كبار المحللين في العالم - محللين عرب وأجانب- إلى أن الانتفاضة جاءت بعد العملية بأسبوعين، ولا ننسى أنَّ العملية وحدها لا يمكن أن تحرك الشارع لولا وجود جهود جماعية أخرى تمثلت في حرب السكاكين والعبوات الناسفة التي اتبعتها آنذاك الجهاد الإسلامي بجناحها العسكري في بيت المقدس، ولا ننسى أيضاً سقوط أربع عمال فلسطينيين شهداء، ولا ننسى رسائل التحريض التي كانَ يبعثها الشهيد أبو جهاد خليل الوزير إلى مقاتلي ومناضلي فتح.. فكل ذلك إضافة إلى معاناة شعبنا من القهر والقمع والاحتلال.. عوامل قادت إلى تفجير الثورة عام 1987 م.

ب- تأهب كامل لدى كافة الفصائل الفلسطينية في مخيمات جنوب لبنان لصد أي عملية اقتحام للمخيمات.
ج- أعادت العملية زرع الثقة لدى الجماهير العربية ومشاعر الفرح الغامر والأمل والتفاؤل بإمكانية هزيمة العدو؛ حيث خرجت الجماهير في المخيمات ببنادقها تعلن عن فرحتها وهي تطلق النار في السماء وتوزع الحلوى وصور الشهيد الطيار خالد ورفيقه ميلود. 

د- أعادت شرعية البندقية في المواجهة والاعتزاز بالكفاح المسلح 
كإستراتيجية للتحرير. 

ه- كشفت العملية زيف الادعاءات القائلة بأن الكفاح المسلح هو شكل من أشكال الإرهاب الدولي! 
و- أعادت الاعتبار للبعد القومي تجاه القضية الفلسطينية. 
ز- تحطيم أسطورة الجيش الصهيوني الذي قيل لا يقهر. 
ح- لفتت العملية أنظار العالم إلى أن الرقم الفلسطيني رقم صعب عصي على الشطب.
* * *
2- ردود الفعل لدى الكيان الصهيوني: 

أ- بعد العملية التي قادت إلى زرع الهلع والخوف في قلب الكيان الصهيوني قام الكنيست باجتماع طارئ لمناقشة العملية وإفرازاتها اللاحقة حيث كان القلق يسود الكيان بإمكانية قيام الفصائل الفلسطينية باستهداف مواقع حساسة أخرى كمصفاة النفط أو مواقع حيوية أخرى. 

ب- محاكمات طالت العديد من المسؤولين العسكريين في لواء جولاني بسبب تقصيرهم في الدفاع عن أمن الثكنات والمستعمرات في الشمال بالإضافة إلى هروب البعض الآخر إلى أوروبا من مسئولي الكيان تحت ذريعة بداية الحرب حيث كان الغليان الجماهيري ينذر بساعة الصفر لهبوب العاصفة. 
ج- إطلاق التهديدات المتبادلة بين الكيان الصهيوني والجبهة الشعبية - القيادة العامة ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية، وسبقَ أن نفذ العدو الصهيوني استهداف معسكر الناعمة في بيروت التابع للقيادة العامة حيث أنزلَ العدو قوات كوماندس صهيونية لكنها منيت بالفشل الذريع ساحبةً خلفها من تبقى سليماً من وحداتها، وسقوط أربعة شهداء للجبهة في المواجهات، ولا ننسى الاستهداف المتكرر أيضاً لمواقع الثورة الفلسطينية المختلفة. 

د- التعب النفسي الذي أصاب الكيان ومستعمريه نتيجة اختراق كافة الدفاعات الجوية والحواجز الإلكترونية الأمنية. 

ه- صار لدى المستعمرين قناعة بأنه حتى المؤسسة العسكرية الصهيونية أصبحت بحاجة إلى حماية نفسها من هجمات المقاتلين الثوار فكيف سيكون حال المستعمرات وسكانها المحتلين.
* * *

بعد عملية ما يسمى "سلامة الجليل" التي على إثرها اجتاح الكيان الصهيوني بجيشهِ بيروت والجنوب اللبناني عام 1982م، وقف رئيس العدو آنذاك الإرهابي مناحيم بيغن وقال لسكان المستعمرات شمال فلسطين: "الآن آن الأوان كي تنعموا بالهدوء والأمن والاستقرار إلى الأبد وإن أي أذى لن يلحق بكم بعد الآن.."، فكانت عملية قبية النوعية برهاناً لتكذيب مزاعم بيغن وباقي من تبقى من قادة العدو، حيث أن الفوضى والرعب دخل إلى قلب المؤسسة العسكرية الصهيونية.
* * *

لماذا سميت بعملية قبية؟؟ 

لأن ذاكرة العربي الفلسطيني المقاتل لا تنسى، ولكي يظل الوطن محفوراً في الوجدان والذاكرة ويظل الشهداء ماثلين أمامنا أطفالاً ورجالاً وشيوخاً ونساءً، وحتى لا ننسى تفاصيل قرانا ومدننا وفلسطين الوطن.
حملت عملية الطائرات الشراعية اسم قبية، لتكون قبية تاريخ فجر جديد مشرق بالانتماء لكل فلسطين: الأرض والإنسان، فلسطين هوية الأحرار والمناضلين والاسم الحركي لمناهضة الإمبريالية العالمية وذنبها الكيان الصهيوني. 

قبية: قرية تقع في قضاء رام الله وفي تاريخ 14 - 10 - 1953 م من يوم الأربعاء مساءً شن العدو الصهيوني عدواناً إجرامياً بقيادة ارئيل شارون - أمد الله في عمره على حالته التي هو عليها ِ- ليوقع 51 شهيداً من سكانها و 15 جريحاً وكلهم من المدنيين والمواطنين المسالمين المجردين من السلاح، ثم قامت العصابات بنسف جميع منازل القرية الصغيرة ودمرتها تدميراً شاملاً... وها هو المقاتل العربي الفلسطيني لا ينسى جراح شعبهِ وإن مضى عليها 34 عاماً.